الندوة السنوية للجنة الإذاعة تبحث موضوع "رقمنة الأرشيف"  وعدد من الهيئات الإذاعية تقدّم تجاربها في هذا المجال

في إطار الاجتماع الثالث والثلاثين للجنة الدائمة للإذاعة باتحاد إذاعات الدول العربية انتظمت الندوة الإذاعية السنوية يوم 4 نوفمبر / تشرين الثاني 2024 بمقر الإتحاد خول موضوع "رقمنة الأرشيف والمنظومة السحابية ASBU Cloud  " 

ولدى افتتاحه أشغال الندوة قال المدير العام للاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان إن قضايا الأرشيف في المجال السمعي البصري متشعبة والتجارب الإذاعية والتلفزيونية في التعامل مع الأرشيف مختلفة بحكم تفاوت الأهمية التي توليها كل مؤسسة إعلامية لأرشيفها

وأضاف أن المعطى الجديد الذي ألقى بظلاله على هذه المسألة هو الذكاء الاصطناعي وامكانيات استخدامه في حفظ الأرشيف الإذاعي والتلفزيوني، لافتا الى أن المؤسسات الإعلامية مطالبة باستغلال الفرصة لقطع خطوات اضافية في هذا المجال وأن اتحاد إذاعات الدول العربية  يقدم الدعم لهيئاته الأعضاء في هذا الخصوص، وانعقاد هذه الورشة يندرج ضمن هذا الجهد.

 وقدّم الخبير الأسترالي في صناعة الوسائط الرقمية والمستشار في إدارة البث ستيف أهيرن  Steve AHERN محاضرة أثار فيها عديد النقاط بشأن الأرشفة الرقمية من أبرزها دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الأرشفة الرقمية، ويشمل هذا الجانب التسجيل التلقائي للنصوص من الصوت، ما يسمح بفهرسة دقيقة للمحتوى، حيث يسهّل العثور على جزء معين من الحديث من خلال البحث النصي.

كما يتضمّن دور الذكاء الاصطناعي في تحسين الأرشفة الرقمية التنظيف الصوتي، باعتبار توفر أدوات  للذكاء الاصطناعي تمكّن من تنقية المحتوى من التشويش أو الضوضاء، مثل أصوات السيارات أو الخلفية غير المرغوبة

من جهة أخرى، يمكّن الذكاء الاصطناعي من تحليل ما يبحث عنه المستخدمون، وتقديم توصيات بناءً على الاهتمامات السابقة، سواء كان ذلك للمذيعين أو المستمعين، فضلا عن ضمان سرعة الوصول للمحتوى، مع الحفاظ على الجودة العالية للأرشيفات الرقمية.

 

 ومن جهته قال أستاذ حوسبة الصورة والرؤية في الجامعة الألمانية بالقاهرة محمد عبد المجيد سالم في محاضرته بخصوص الأرشفة الرقمية، إن استخدام الذكاء الاصطناعي في الأرشفة سيصبح بعد سنوات قليلة ضرورة ملحّة، مشيرا إلى أنه حاليا عند البحث عن أي محتوى إذاعي قديم لا يمكن إيجاده عبر مواقع الإذاعات العربية ولكن ربما يكون موجودا على منصات مثل يوتيوب أو فايسبوك وذلك لأنها قادرة على استخدام البيانات الوصفية بشكل أدق وأوفى وأفضل وبالتالي سهولة الاسترجاع تكون أكبر بكثير، وهو ما يجعل من الضروري أن تعمل الإذاعات العربية مستقبلا على استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية الأرشفة. 

كما أشار إلى أن المستقبل يحتّم وجود منظومة كاملة لدى الإذاعات العربية دون أيّ تدخل بشري من مرحلة التسجيل الإذاعي مرورا بمرحلة الأرشفة وصولا إلى قدرة المنظومة على استرجاع هذه الملفات لفائدة الباحثين عنها، مشددا على أهمية إيجاد حلول لكل المشاكل المرتبطة أساسا بمسائل حقوق الملكية الفكرية وحقوق الإنتاج. 

 وقدّم رئيس قسم شبكات التبادل باتحاد إذاعات الدول العربية المهندس عوض عيد مداخلة بعنوان " منصة أسبو السحابية : تبادل وإدارة المحتوى الإذاعي " أفاد فيها أن منصة أسبو السحابية ACP حل متكامل قائم على المنصات السحابية العامة، وهي منصة تحريرية لمعالجة ومشاركة المحتوى الإذاعي والتلفزيوني تغطي كل العالم من خلال الانترنت وشبكات الجيل الرابع والخامس

واستعرض ميزات تطبيق إدارة المحتوى الإذاعي في منصة الاتحاد وهي بالخصوص :

- إدارة شاملة للمحتوى مما يسهل تنظيمه وإعادة استخدامه.

- إدارة البيانات الوصفية مما يسهل تصنيف المحتوى والعثور عليه بسرعة وارشفته وفق المعايير المهنية.

- إثراء البيانات الوصفية باستخدام محركات الذكاء الاصطناعي مثل تفريغ النصوص وترجمتها، ومعرفة الوجوه والاشياء.

- تسجيل البث الاذاعي المباشر وتخزينه في المنصة  بشكل فوري مما يتيح إمكانية مراجعة البث في أي وقت.

- إدارة حقوق الملكية وذلك  بحماية المحتوى من خلال التحكم في الوصول.

 

 واستمع المشاركون في الورشة الى عروض قدمتها هيئات أعضاء في الاتحاد حول تجاربها في حفظ الأرشيف الإذاعي 

وقالت مديرة الإذاعة العراقية سميرة جياد الحسناوي أن إذاعة العراق بدأت منذ خمسينيات القرن الماضي، في حفظ أرشيفها وحتى عام 2003 كانت المكتبة تحتوي على حوالي 30 ألف شريط يتنوع بين الأغاني والبرامج والتلاوات القرآنية وعديد المتفرقات،  لكن العدوان الأمريكي الذي طال العراق رافقته عمليات سلب وحرق ونهب لحقت الإذاعة والتلفزيون.

وبعد تأسيس شبكة الإعلام العراقي، تم جمع الأرشيف الإذاعي وشراء المواد المتسربة من السوق المحلية، لكن الجزء الأكبر بقي مفقوداً رغم محاولات جمعه، وبدأت مرحلة جديدة أخرى لنظام الأرشيف لأن الحفظ بهذه الطريقة لا يجعل المادة آمنة من التلف والمسح من خلال تحويل الأشرطة إلى نظام ديجيتال بواسطة أجهزة خاصة ليتم خزنها على أقراص ليزرية، واستمر العمل بهذه الطريقة حتى 2010.

وبعد التطور في وسائل الخزن والحفظ الإلكتروني والمواد الصوتية تم الانتقال إلى حفظ المواد الصوتية على هارد سعة 20 تيرا، مع وضع بطاقة تعريفية لكل مادة مسجّلة.

ومن أهم ما يميز الأرشيف الجديد طريقة خزنه الحديثة وطريقة استخدامه وحفظه الآمن، حيث يتم حفظ المادة بنسختين وتكون لكل مادة مؤرشفة نسخة احتياطية في حال تلف أحد الهاردات المستخدمة في الخزن، كما يعمل بنظام "أوفلاين" عن طريق شبكة محلية غير مرتبطة بالانترنت وذلك لضمان عدم تسرب المواد المخزنة عبر الانترنت، إضافة إلى أن كل مواد الإذاعة المؤرشفة تتمتع بسيرفرات خاصة لا يمكن لأي شخص الولوج إليها إلا من له الحق بالوصول إلى المواد المخزنة وبعد الحصول على موافقات.

 

 وأفاد مدير إذاعة لبنان محمد غريب أن أرشيف إذاعة لبنان يوصف بأنه الأضخم بين المكتبات الصوتية في الشرق الأوسط، إذ تم تحويل 22 ألف شريط "ريل" من الأغاني، و45 ألف شريط مماثل من البرامج القديمة، إلى نسخ رقمية.

والهدف من عمليّة الحفظ والأرشفة ومن مجمل العمليّات الفنيّة والخدمات المتاحة من مكتبة التسجيلات في إذاعة لبنان، يتمثّل في التثمين لناحية إبراز القيمة الفنيّة والإرث لما يعود على المؤسّسة من سمعة للإستفادة مثلاً من إسترجاع برامج أو حلقات محدّدة حسب المناسبة – من مؤتمر أو مهرجان أو مسابقة أو ذكرى معيّنة - ما يضفي قيمة على الذاكرة المؤسّسيّة، وبالتالي صقل قيمة المؤسّسة أمام الجمهور ونظيراتها مادياً ومعنويا

ويرتكز أرشيف إذاعة لبنان اليوم على نظام "ديجيميديا الإلكتروني" من شركة "شتودر" السويسريّة، ويتضمّن النظام، قاعدة بيانات متّصلة مباشرةً بالخادم الذي يقدم بيانات تعريفيّة ميتاداتا خاصة بالتسجيلات، كما يتميّيز النظام بسرعة البحث والنسخ، وكذلك عمليّة تفريغ التسجيلات وحفظ محتويات المواد الإذاعيّة تتم أيضاً على نظام ديجيميديا الذي يمكّن من القيام بعمليّات المونتاج والتسجيل والتعديل والاسترجاع والاستخدام

 

وذكر مديرالادارة العامة لتقنية المعلومات والارشيف الرقمي في الإذاعة السودانية إبراهيم محمد عثمان إبراهيم أن تجربة مشروع الإذاعة السودانية في حفظ الأرشيف تتلخص في خارطة تتضمّن تصنيف محتويات المكتبة وفقًا لبنية الخدمات التي تقدمها الإذاعة، مثل مكتبة البرامج الدينية التي تشمل أقسام الأحداث، التفسير، والتلاوات، كما تحتوي على مكتبة للبرامج السياسية يتم تقسيمها حسب الشخصيات البارزة والملاحظات والجلسات والتغطيات، وذلك بهدف تسهيل أرشفة واسترجاع محتوى الإذاعة بفعالية.

ولتحقيق نجاح مشاريع الأرشفة الإذاعية، يتم إدخال البيانات الوصفية ضمن النظام الخاص بمشروع التحول الرقمي، باعتماد حقول تحمل مسميات تتماشى مع هيكلية المكتبة التقليدية، لتسهيل عملية الإدخال الأولي للبيانات الوصفية، كذلك من الضروري اعتماد نظام ترميز رقمي ليتم تتبعه ولصقه على الشريط قبل إرساله لإدخال الملف الصوتي.

كما يتم إعداد نظام رقمي شامل لإدارة جميع مراحل المشروع، ولتهيئة البنية التحتية بمواصفات تدعم التحول الرقمي، اعتماد سعات تخزينية كبيرة لاستيعاب المواد المؤرشفة وحفظها بجودة عالية مع ضرورة وجود نسخ احتياطية للمواد المؤرشفة محفوظة خارج الموقع الفعلي لسيرفرات النظام، باستخدام نظام التخزين السحابي (Cloud) لضمان أمان البيانات واستمراريتها.