في إطار الاجتماع الحادي والعشرين للجنة الدائمة للبرامج التلفزيونية انعقدت الندوة البرامجية السنوية يوم الخميس 24/10/2024 بمقر الاتحاد حول موضوع "قضايا البيئة والمناخ والتنمية المستدامة في التلفزيونات العربية" وحضرها كذلك الى جانب أعضاء لجنة البرامج، أعضاء اللجنة الدائمة للإعلام الجديد باتحاد إذاعات الدول العربية .
وقدّم الأستاذ محمد عادل الهنتاتي الخبير الدولي في البيئة والمناخ والتنمية المستدامة ونائب رئيس فريق عمل الخبراء الدوليين في مجال التغيرات المناخية وعلاقتها بالتصحر من تونس مداخلة حول حجم اهتمام القنوات التلفزيونية العربية بتغطية قضايا البيئة و المناخ و التنمية المستدامة .
وبيّن أن تناول القضايا البيئية الملحّة و المناخ و التنمية المستدامة في التلفزيونات العربية هو في الغالب تناولا مناسباتيّا حيث تـفتـقر جل القنوات التلفزيونية العربية إلى برامج قارة مخصّصة لهذه القضايا المصيرية، وفي صورة وجود هذه البرامج فإن من يقوم على إعدادها و تقديمها هم غالبا إعلاميون غير متخصصون في المجال البيئي تنقصهم القدرة على الإبلاغ و الإقناع .
وأضاف أن المطلوب من الوسائل و الوسائط الإعلامية للمساهمة الناجعة في رفع التحديات، تحقيق الأهداف الاتصالية التالية :
- البحث عن وسائل الوضوح في طرح القضايا البيئية و المناخ و التنمية المستدامة حسب واقع كل منطقة بحيث يتم إقناع الأطراف بأهميتها باعتماد الاعلام و التفسير و التحليل
- العمل على نشر المعلومات الصحيحة و تصحيح التصورات لإكساب وسائل الإعلام والوسائط الاتصالية المصداقية في هذا المجال .
- اعتماد وسائل اتصالية مناسبة قادرة على إقناع كل الأطراف بضرورة تغيير السلوك في التعامل مع هذه القضايا و مخلفاتها، فحمل الناس على تغيير سلوكياتهم هو بمثابة المقياس لنجاعة الاعلام في هذا المجال
وقدّمت الأستاذة شادن دياب الخبيرة الدولية لدى الاتحاد الأوروبي ومدربة متخصصة في مجال البيئة والتنمية المستدامة بفرنسا مداخلة حول السياسات الإعلامية الأوروبية والدولية في التعاطي مع قضايا البيئة والمناخ والتنمية المستدامة .
وأفادت أن المعلومات المضللة عن المناخ ونشرها بشكل متعمّد يمكن أن يتخذ أشكالًا عديدة، بدءًا من الإنكار الصريح ونظريات المؤامرة إلى معلومات مضللة أكثر خبثًا تهدف إلى تشويش الأمور من خلال الادعاء بأن تغير المناخ ليس من صنع الإنسان أو أنه ليس بالسوء الذي يذكره العلماء، وهو ما دفع المفوضية الأوروبية في مارس 2024 الى تبني "الاتصال بإدارة المخاطر المناخية"، كالتزام منها بمكافحة المعلومات المضللة عن المناخ.
وأضافت أن السمات الأساسية للاتصال البيئي في الأزمات هي :
- الشفافية والمصداقية إذ يجب أن تكون الرسائل صادقة وواضحة حتى يثق الجمهور في المعلومات التي يتلقاها.
- السرعة في الأزمات إذ يجب أن تصل المعلومات بسرعة لتجنب الفوضى أو سوء الفهم.
- التركيز على الحلول إلى جانب توضيح حجم الأزمة من خلال توجيهات واضحة حول الخطوات الواجب اتباعها لحل المشكلة أو تقليل تأثيرها.
- تكييف الرسائل حسب الجمهور لأن كل مجموعة مستهدفة قد تحتاج إلى أسلوب تواصل مختلف يناسب احتياجاتها ومستويات فهمها.
- التواصل عبر قنوات متعددة ( التلفزيون، الراديو، وسائل التواصل الاجتماعي ) للوصول إلى أكبر عدد ممكن من الجمهور.
- التقييم المستمر من خلال مراقبة وتقييم فعالية الاتصال بشكل مستمر لتعديل الرسائل وفقًا لتطورات الأزمة أو ردود الفعل العامة .
وفي الجزء الثاني من الندوة تم تقديم نماذج من تجارب الهيئات التلفزيونية العربية في التناول الإعلامي لقضايا البيئة والمناخ .
وأفادت ممثّلة التلفزة التونسية أن التعامل مع قضايا البيئة تطوّر من الطرح المناسباتي الى البرامج القارّة، مستعرضة عددا من هذه البرامج ومنها برنامج "نحكيو بيئة " الذي يصور في موقع بيئي ويستضيف الخبراء والناشطين في المجال الى جانب الأعمال الصحفية الميدانية، وكذلك برنامج "تونس الخضراء" الذي تنتجه التلفزة بالشراكة مع وزارة الفلاحة ويعنى بقضايا التغير المناخي، هذا الى جانب انتاج وبث الومضات البيئية التحسيسية حول مجالات الحياة اليومية.
ومن جهته تحدّث ممثل التلفزيون السعودي عن دوره في طرح وتناول ومعالجة قضايا البيئة والمناخ من خلال قوالب مختلفة تتمثل في التقارير الإخبارية الدورية والبرامج الحوارية و البرامج الوثائقية ، مستعرضا عناوين البرامج مثل "بيئتنا" و"الشارع السعودي" وإعمار الأرض" في القناة السعودية، الى جانب الدور المهم للقناة الإخبارية في تغطية قضايا البيئة والمناخ .
واستعرض ممثل التلفزيون الجزائري البرامج البيئية القارة وهي "بيئتنا" الذي يعتمد على الروبرتاجات الميدانية والاستقصائية في علاقة بالحياة اليومية مثل النفايات ومخلفات مواد البناء وترشيد استهلاك الطاقة والماء، و مجلة "إبحار" التي تعنى بالبيئة البحرية من بحار وأنهار ومجمّعات مائية وسدود، و"عالم الطبيعة" الذي يهتم بمواضيع التنوع الطبيعي وتأثيرات التغير المناخي، ومجلة "عاصمتنا" التي تهتم بالمجال البيئي في الفضاء العمومي .
ومن جانبه قال ممثل التلفزيون العراقي إن قناة العراقية العامة أنتجت العديد من البرامج والتقارير الاعلامية المتخصصة في المجال البيئي، فضلاً عن استثمار العديد من البرامج المنوعة التي تضمنت بين فقراتها الكثير من الملفات المعنية بشؤون البيئة، وأضاف إن القناة قامت بأعمال استقصائية أدت إلى الكشف عن معامل غير مرخص لها كانت تستخدم الطاقة السائلة لتقوم الوزارة بإلزام اصحاب هذه المعامل على استخدام غاز (LPG) بدلاً من الوقود الثقيل، وفرض غرامات على المعامل المخالفة.
وأفاد ممثل التفلزيون الليبي أن قناة ليبيا الوطنية تولي اهتماما خاصا لموضوع الطاقة الشمسية وكذلك موضوع الماء في علاقة بمشروع النهر الصناعي العظيم وأهميته بالنسبة الى المواطن الليبي، وتحدّث من جهة أخرى عن تجربة الاعلام الليبي في فيضانات درنة حيث توحدت كل القنوات الليبية العمومية والخاصة في بث موحد عن طريق قناة ليبا الوطنية وكانت تجربة متميزة ساهمت في تعميق الوعي البيئي للمواطن الليبي .
ونوّه ممثل تلفزيون فلسطين الى أن الاحتلال الاسرائيلي دمّر البيئة الفلسطينية بشكل ممنهج في غزة ، كما كان الاستيطان اعتداءا صارخا على البيئة في الضفة الغربية، وأضاف أن من أبرز المشاكل مكبّات المصانع الاسرائيلية ومياه الصرف الصحي والتلوث وكلها تشكل تهديدا صارخا أثّر ليس فقط على الحياة اليومية بل كذلك على النشاط الاقتصادي من ذلك أن موسم جني الزيتون هذا العام مهدّد . وقال إن تلفزيون فلسطين يسلّط الأضواء على هذه المواضيع ولكن في كثير من الأحيان يصطدم باجراءات وتضييقات سلطات الاحتلال الاسرئيلي.