الندوة البرامجية تناقش موضوع " الانتاج البرامجي في التلفزيونات العربية وعلاقته بالمنصات الرقمية " وتستعرض تجارب الهيئات في هذا المجال

 انعقدت الندوة السنوية للجنة الدائمة للبرامج التلفزيونية يوم الأربعاء 11/10/2023 بمقر الاتحاد حول موضوع " الانتاج البرامجي في التلفزيونات العربية وعلاقته بالمنصات الرقمية " . 

وقدمت  د عائدة الفيتوري الأستاذة و الباحثة في الإعلام  بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار بتونس مداخلة ركزت فيها على الجدل القائم حول ما اذا كانت المنصات الرقمية تمثل تهديدا للتلفزيون التقليدي أم فرصة له . 
فبالنسبة للمشاهدين تتيح المنصات الرقمية  ابقاء المستخدمين نشطين وتوفر لهم  التفاعل مع المحتويات و مع الآخرين في اطار تجربة مشاهدة تزامنية وتشاركية تقطع مع المشاهدة الخطية النمطية للتلفزيون، كما أن المنصات تتيح للمشاهد انتقاء المضامين واختيار كيفية مشاهدتها من حيث الوقت والدورية والجودة واللغة بما يجعله يتحرر من المحتوى الذي تفرضه عليه القنوات المحلية أو حتى الفضائيات، واستخلصت المحاضرة أن المنصات تتفوق على التلفزيون من حيث قدرتها على توفير فرص إشباع المحتوى وهو ما يفسر إقبال الجمهور عليها .
 
 
أما بالنسبة للمضامين والانتاج فان المنصات تتيح هامشا أكبر من الحرية من خلال  التركيز على أنماط جديدة من الأعمال المفضلة لدى الجمهور كما أنها تحرر هذه المضامين من هيمنة القنوات الفضائية من خلال تحريرها من التوقيتات الموسمية لتصبح مثلا مشاهدة الأعمال الدرامية غير مقتصرة على موسم معين ، وهذا التحرر يتيح فضاء مفتوحاً لحرية الإبداع بعيداً عن الرقابة ويفتح نوافذ جديدة أمام شركات الانتاج الصغيرة والناشئة .
وأكدت المحاضرة أنه فضلا عن الجمهور والانتاج فان المنصات هي فرصة كذلك بالنسبة للقنوات التلفزيونية لكسر النسق الخطي للبث من خلال رقمنة المضامين والقدرة على بثها وتوزيعها عن طريق الأنترنات وهو ما نجحت فيه بعض التلفزيونات العربية ، غير أن ذلك يصطدم في عدة بلدان عربية بتحديات كثيرة أولها تحديات بشرية وهيكلية لعدم مواكبة صناع المحتــوى وصناع القرار للتطــورات التكنولوجيــة المرتبطــة بالبــث الرقمــي علــى منصــات الأنترنــت، كذلك تحديات مرتبطة بواقع الصناعـة الإعلامية فـي البلـدان العربيـة وأخرى لوجستية مرتبطة بسرعة الأنترنت والتكيـف مـع مختلـف أنـواع الشاشـات والأجهـزة وأخيرا تحديات اقتصادية ومادية بسبب عدم مجانية هذه الخدمة مقارنة بالتلفزيون المجاني .
واختتمت المحاضرة مداخلتها بالقول ان التلفزيونات التقليدية خصوصا تلك التي تُشرف عليها الحكومات ستكون أمام تحدّيات كبيرة للبقاء إن لم تطوّر من نفسها وتلحق بركب التقنيات الجديدة على الصعيد الإعلامي
 
وتضمن الجزء الثاني من الندوة عرضا لتجارب عدد من الهيئات التلفزيونية العربية في مجال التعامل مع المنصات الرقمية ، حيث قدم ممثل تلفزيون فلسطين مداخلة قال فيها ان التلفزيون الفلسطيني يعد مثالا على تطور العلاقة بين
انتاج البرامج على أجهزة التلفزيون والمنصات الرقمية رغم التحديات التي يفرضها تسارع التطورات التكنولوجية ومحدودية القدرة على مواكبتها . وأضاف أن ظهور التقنيات الرقمية أثر بشكل عميق على طرق انتاج المحتوى مما جعل توزيعه وبثه أكثر سهولة وفعالية، وفي هذا الاطار فان المنصات الرقمية ساهمت في تزويد التلفزيون بسبل جديدة للتعامل مع جمهوره والتواصل معه فضلا عن ما تتيحه وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة في هذا الخصوص .
وفال ان المنصات أتاحت للتلفزيون فرصا اضافية لاستكشاف موضوعات متخصصة واستهداف فئات مجتمعية محددة من خلال تكييف المحتوى حسب ميولات الشرائح المختلفة من الجمهور، هذا فضلا عن توسيع نطاق البرامج والانتاجات الى ما هو أبعد من حدود البث التقليدي . كما أتاحت المنصات للتلفزيون فرصا جديدة لتحقيق الدخل المالي من خلال عائدات الاعلانات والشراكات مع المنصات وهو ما يساهم في دعم الانتاج التلفزيوني وتحسين جودته . واختتم بالقول ان هذه الفرص لا تخفي وجود تحديات ومنها ماهو في علاقة بالسياق السياسي الفلسطيني ووضع مقاومة الاحتلال .
 
 
وقدمت ممثلة التلفزيون التونسي مداخلة أعلنت فيها أن التلفزة التونسية تستعد لاطلاق منصة جديدة قريبا وهي الأن بصدد تحضير البرامج والمسلسلات والمنوعات والوثائقيات والسيتكومات لتأثيث هذا الفضاء الرقمي ليصبع مرجعا
للعموم . وقبل ذلك فان التلفزيون التونسي يقوم يوميا بصناعة المحتوى الرقمي وترويجه على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي اضافة الى تنزيل فيديوهات البرامج وخاصة البرامج الحوارية والرياضبة والنشرات الاخبارية وكذلك البرامج الخدماتية والترفيهية .
 
 
وأفاد ممثل تلفزيون الكويت أنه بعد تدشين المنصة الرقمية لوزراة الاعلام تم تقديم تطبيق الهواتف المحمولة بالاضافة الى مواقع التواصل الاجتماعي بهدف تحقيق الانتشار الاعلامي للقنوات التلفزيونية والاذاعية، مضيفا أن المنصة تحتوي على 9 قنوات تلفزيونية و9 قنوات اذاعية وهي تبث على الموقع الالكتروني وتطبيق الهواتف المحمولة على مدار الساعة .
وأفاد أنه سعيا لمواكبة التطور أعلنت وزارة الاعلام مؤخرا توقيعها العقد الخاص بمزايدة انشاء منصة رقمية متكاملة للوزارة متمثلة في في منصة اعلامية مرئية ومسموعة عبر الأنترنت تعنى ببث المحتوى الاعلامي بطريقة تتجاوز النماذج التقليدية من خلال جميع التطبيقات الممكنة، وستسمح المنصة للمستخدم بالوصول للمحتوى التلفزيوني الذي يرغب به عبر الأنترنت من خلال اشتراكه الخاص في المنصة .
 
 
وقدم ممثل تلفزيون قطر مداخلة أفاد فيها أن وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بتلفزيون قطر شهدت تطوراً ملحوظاً خلال الأعوام الثلاثة الماضية في عدة مجالات هي الهوية البصرية و المضامين المنوعة و خطة النشر المتكاملة و استخدام تطبيقات ومنصات إدارة المحتوى و الإنتاج الخاص بالتواصل الإجتماعي و التقنيات الحديثة
وأوضح أن تنويع المضامين يشمل مقتطفات من البرامج والأخبار و منشورات الأخبار الرسمية و أنفوغرافيك ومعلومات عامة و الترويج للبرامج والمناسبات الخاصة و أسئلة تفاعلية و المسابقات المنوعة .
وأضاف أن استخدام تطبيقات ومنصات إدارة المحتوى أتاح إمكانية جدولة المحتوى والنشر عبر مختلف منصات التواصل الإجتماعي في نفس الوقت، وأيضا إمكانية استرجاع وتقطيع المحتوى من أي منصة بث مباشر مما يسهل نشر المحتوى على منصات التواصل الإجتماعي المختلفة، كما أن الإنتاج الخاص لوسائل التواصل الإجتماعي يشمل الأخبار والتقارير والتغطيات الخاصة والترويج للبرامج .
وقدم احصائيات تبين النقلة النوعية التي حققتها وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بتلفزيون قطر من حيث عدد المتابعين ومعدل التفاعلات مؤكدا في الختام من خلال عرض بعض العينات المرئية أن هذا التمشي ساهم في تطوير الإنتاج البرامجي التلفزيوني .
 
 
وأعقب هذه المداخلات نقاش ثري بين أعضاء اللجنة والمشاركين في الندوة حضره وشارك فيه المدير العام للاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان حيث أثيرت عديد المشاغل منها التباين بين مختلف التجارب العربية من حيث الالمام بالموضوع ووضع السياسات الملائمة له وهو ما يصعب أحيانا امكانية التنسيق العربي في أي عمل مشترك في هذا المجال . كما أثيرت امكانية انشاء منصة عربية من قبل الاتحاد وهو ماعارضه البعض باعتبار أن الاتحاد ليس جهة باثة للمضامين انما هو فضاء يسهل ايصال وتبادل هذه المضامين بين هيئاته مع الحرص على أن يكون هذا التبادل وفق آخر التطورات التكنولوجية .
في المقابل أكد المشاركون أهمية التدريب لتأهيل كوادر الانتاج والهندسة في  التلفزيونات العربية حتى تكون قادرة على مجاراة النسق المتسارع للتطور في التكنولوجيا وانتاج وبث المضامين بما في ذلك عبر المنصات الرقمية، وفي هذا الاطار تمت الاشادة بما يقوم به الاتحاد عبر مركز التدريب والأكاديمية من جهد موصول لتحقيق هذا التأهيل ومساعدة الهيئات الأعضاء على حسن تنفيذ سياساتها في مجال احداث المنصات الرقمية أو الاستفادة منها .
في المقابل أثيرت ضرورة التفكير في انشاء فضاء يتم فيه التفكير العميق في تشخيص الواقع  الحالي للتلفزيونات العربية العمومية في مجال مواكبة التطورات واعادة النظر في أدوار هذه التلفزيونات والتفكير في سبل ضمان ديمومتها ضمن هذا المشهد السمعي البصري الذي تداخل فيه الاعلام التقليدي مع الاعلام الجديد .
وأثار عديد المشاركين في النقاش مسائل تتعلق بحقوق التأليف وحقوق البث وهي مسائل عمقت مشاكل الاعلام العمومي ووضعت عديد الصعوبات أمام القيام بأدواره التقليدية خصوصا بالنسبة الى التظاهرات الرياضية أو كذلك بث الانتاجات على الأنترنت ومختلف المنصات ووسائل التواصل الاجتماعي .