في اطار جلسات النقاش حول تجارب الهيئات ضمن اللجنة الدائمة للاذاعة في اجتماعها التاسع والعشرين انتظمت يوم الثلاثاء 11 اكتوبر/ تشرين الأول 2022 بمقر الاتحاد ندوة حول "رهانات الاذاعة العمومية أمام تنامي عدد الاذاعات الخاصة" تم خلاها الاستماع الى مداخلات حول تجارب اذاعات الأردن وتونس وفلسطين ولبنان ومصر وBBC .
ولدى افتتاحه أشغال الندوة ذكر مديرعام الاتحاد المهندس عبد الرحيم سليمان أن الاذاعة التي قريبا سيمر على انطلاقها مائة عام تبقى الوسيلة الأولى والأكثر تأثيرا في العالم مضيفا أن ذلك يدفعها – خاصة في المنطقة العربية - الى أن تواكب التطورات التكنولوجية والاجتماعية حتى تحافظ على مكانتها . وأبرز الدور الفاعل للاذاعة العمومية في المجالات التنموية والثقافية والاجتماعية والترفيهية مستشهدا بحجم التبادل الاذاعي صلب الاتحاد والذي يتجاوز 15 ساعة في اليوم بما يعكس حركية وفاعلية الاذاعات العمومية ، ومؤكدا أهمية التدريب في المجال الاذاعي للمساعدة على التطوير وهو ما يقوم به الاتحاد عبر الأكاديمية و مركز التدريب .
وفي مداخلته قال مدير الاذاعة الأردنية مهند الصفدي أن إذاعة المملكة لم تهتم بمنطق الرّبح والخسارة ولم تحكم توجهاتها الإعلانات، بل كانت لديها عقيدة راسخة وهي جودة المادة الإعلاميّة النوعيّة القريبة من هموم المستمعين وقضاياهم ، بما أكسبها قاعدة جماهيريّة عريضة من المستمعين الذين نشئوا على سماعها .
و أشارت مديرة الاذاعة الوطنية التونسية حفيظة علوش الى محاولات الاصلاح صلب الاذاعة في اطار مقاربة استشرافية وتعهد مستمر بالتعديل و النظر واعادة النظر بهدف أساسي هو تحديد خارطة طريق تتموقع من خلالها الاذاعة التونسية العمومية في المكان التي هي جديرة به وتسترجع مكانتها في صدارة اهتمام الجمهور وكذلك المعلنين .
وذكر مدير الأخبار في الاذاعة الفلسطينية حيدر دغلس أنه رغم وجودِ أكثرَ من 126 إذاعةً محليةً في فلسطين فان ما يميز اذاعة صوتُ فلسطين أنها تبقى المرجِعَ والمصدرَ الأولَ للأخبارِ ، وهي تهُمُّ شريحةٌ كبيرةٌ من المجتمعِ الفلسطيني من خلال موجاتٌ مفتوحةٌ مباشرةٌ بشكلٍ دائم ، كما أنها تمتازُ بالشموليةِ في برامجِها.
وأكد مدير الاذاعة اللبنانية محمد غريب أن الاذاعة الحكومية اللبنانية - رغم كونها لا يمكن أن تعتمد على الاعلانات التجارية - فانها تستمر في عملها ، وما يفسر ذلك أنه في ظل الوضع الاقتصادي الصعب تبقى وجهة لكل اللبنانيين لانها تخاطب المستمع بعيدا عن الحزبية والطائفية والمذهبية .
وحول التجربة المصرية قالت رئيسة شبكة صوت العرب من القاهرة د. لمياء محمود أنه رغم عراقة وثراء وتنوع تجربة الاذاعة العمومية المصرية الا أنها أمام تحدي البقاء في الريادة وهو ما يتطلب عديد الخطوات منها اعتماد إدخال وسائل التواصل الاجتماعى كأدوات موازية لبث المحتوى وإعادة تأهيل الكوادر، وتطوير شكل البرامج مع الاحتفاظ بقيمتها المعلوماتية والثقافية والفنية وطرحها للموضوعات الحيوية للجمهور .
وتحدث أستاذ الاعلام في الجامعة البريطانية لوري فيليبس عن تجربة اذاعة BBC البريطانية فأكد أنها استطاعت البقاء لحولي قرن من الزمن لأنها ظلت وفية للمهمة التي وضعتها لنفسها منذ البداية وهي أنها اذاعة وطنية للعموم تتحمل مسؤوليتها في تقديم الخدمات العامة التي تتناول احتياجات جموع المواطنين مع احترام الأقليات وحقهم في التمتع بتلك الخدمات دون اقصاء
وشهدت الندوة اثر هذه المداخلات نقاشا أبرز فيه المتدخلون بالخصوص أن الاعلام العمومي بشكل عام يتوجه الى المواطن فيما الاعلام الخاص يتوجه الى المستهلك لذلك يبقى الاعلام العمومي رمزا للمصداقية وعليه أن يشتغل أكثر على الجودة ومزيد القرب من المواطن .كما أثار المتدخلون الهواجس التي تعتري البعض في الدول العربية من حيث التوجس من الاعلام الخاص في علاقة بمصادر التمويل والأجندات مؤكدين أن الاعلام العمومي يجب أن يكون اعلام الدولة لا اعلام الحكومة
وصدرت عن الندوة توصيات منها على سبيل الذكر لا الحصر :
- دراسة ظاهرة الاذاعات الخاصة بشكل علمي دقيق وتقويم ذلك حتى يتسنى للاذاعات العمومية الاشتغال على تدارك النقائص
- ضرورة أن تعمل الإذاعة العمومية في إطار الجودة لأنها هي الأصل وهي المرجعية القومية ويجب أن تستمر خاصة عند الأزمات
- تأهيل الكوادر الفنية والعاملين في الإذاعات العمومية بشكل عام حتى تتواكب مع التحديث المطلوب للنفاذ للجمهور