اعلان المؤتمر وتوصياته : خارطة طريق للمؤسسات الاعلامية في الاستفادة المثلى من الذكاء الاصطناعي

في الجلسة الختامية للمؤتمر الثالث للإعلام العربي حول "الاعلام في عصر الذكاء الاصطناعي : الفرص والرهانات" ألقى وزير الاتصال  في الحكومة الجزائرية  د. محمد لعقاب كلمة أكد فيها أن الخوف الهوسي من الذكاء الاصطناعي لا مبرر له لأن التاريخ أثبت أن التكنولوجيا كانت دائما تنتصر، والمخاوف تتلاشى، ويحدث التكيّف والتعايش بين الإنسان والوسيلة أو الآلة، لذلك يتعين علينا الاستعداد للاستفادة من مزايا الذكاء الاصطناعي ورفع تحدياته، من خلال عمليات مهنية متعددة الاتجاهات تستهدف المرسل والرسالة والوسيلة والمتلقي.

وثمن الوزير مخرجات المؤتمر وتوصياته مشجعا اتحاد إذاعات الدول العربية ليكون قاطرة لتجسيدها، وداعيا إلى تعزيز التدريب والتكوين لا سيما في إنتاج المحتوى واكتشاف الأخبار الزائفة والتصدي لها، مع ضرورة الإسراع في بلورة ميثاق أخلاقي حول استعمال الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي .

 

 

ومن جهته شكر رئيس الاتحاد الأستاذ محمد بن فهد الحارثي في كلمته كل من ساهم في تنظيم وانجاح المؤتمر وشارك فيه مؤكدا أن مؤتمر الاعلام العربي رغم أنه في دورته الثالثة أصبح يشكل علامة بارزة وله جمهور من المتابعين .

وقال بخصوص موضوع المؤتمر ان مشكلة الاعلام ليست الذكاء الاصطناعي أو التقنية بشكل عام بل هي في المحتوى وفي كسب المصداقية والعودة الى جذور الرسالة الاعلامية، والتقنيات بما فيها الذكاء الاصطناعي هي وسائل تساعد وتعزز العمل الابداعي الذي يبقى مصدره العنصر البشري .

 

 

وتميزت جلسة الاختتام بتلاوة اعلان المؤتمر وتوصوياته من قبل المقرر العام للمؤتمرم. حسن رضا سيد حسن والتي كانت في خمسة مستويات ليمثل مجملها خارطة طريق للمؤسسات الاعلامية العربية بل وللدول بصفة عامة في كيفية التعامل مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وامتلاكها والاستفادة المثلى منها وتقليص حجم تأثيراتها .


 

اعلان المؤتمر وتوصياته

أوّلاً: على المستويين الوطني والإقليمي

1. تكليفُ الهياكل التشريعية المختصّة بتطوير تشريعاتٍ واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي بالاستئناس بالتشريعات الدولية الجاري العملُ بها، مثل اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR، والإصدار المحتمل لقانون الذكاء الاصطناعي الأوروبي European AI Act.

2. إنشاءُ هياكل حوكمةٍ إقليمية ووطنية، بما في ذلك اللجان العلمية، ومجالس الذكاء الاصطناعي، والمنتديات الاستشارية، للإشراف على ممارسات الذكاء الاصطناعي وضمان المساءلة.

3. المتابعةُ عن كثب لآخر القوانين ولوائح الذكاء الاصطناعي في مختلف مناطقِ العالم، التي تعزّزُ تطويرَ الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مسؤول، مع التناول الفعّال للاعتبارات الأخلاقية وحماية خصوصيّة البيانات والأمن السيبراني، واستكشافُ فرص التعاون لـمُواءَمة الممارسات العربية على مستوى العالم.

4. لعمليّة التحوّل في مجال الذكاء الاصطناعي تأثيرٌ كبيرٌ على المجتمع: فسوفَ تخسر بعضُ الشركات والقطاعات والعمّال، وسيكسبُ آخرون. وفي هذا الإطار، تبرز أهمّية دور الحكومات في تقديم التعويضات كأمرٍ ضروري للحصول على تقبّل اجتماعي للتحوّل إلى الذكاء الاصطناعي.

5. إدراجُ تعليمِ الذكاء الاصطناعي في جميع مراحل التعليم وتدريبُ القوى العاملة على مهارات الذكاء الاصطناعي، كلٌّ في مجال اختصاصه.

6. وضعُ الحكومات سياساتٍ وأطر داعمة للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي، ودعمُ البحث العلمي. 

7. إنشاءُ ودعمُ حاضناتٍ للشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي لتوفير الإرشاد والتمويل.


ثانياً: على مستوى المؤسسات الإعلامية

8. تخصيصُ الموارد داخل المؤسسات الإعلامية لتطوير البُنى التحتية التقنية والاستثمار في أدوات الذكاء الاصطناعي التي تعزِّزُ عمليات إنشاء المحتوى الإعلامي، وبدءُ مشاريع تجريبية لاختبار وتقييم جدوى وفعالية تقنيات الذكاء الاصطناعي الناشئة في العمليات الإعلامية.

9. إنشاءُ برامجَ تدريبية لتحسين مهارات العاملينَ في المؤسسات الإعلامية على الاستخدام الفعّال لتطبيقات الذكاء الاصطناعي في إنتاج وإدارة المحتوى، وتطويرُ استراتيجيات التعلُّم المستمرّ والتكيُّف مع تقنيات الذكاء الاصطناعي المستجِدَّة بين العاملين في الإعلام. ودمجُ الاعتبارات الأخلاقية المتعلّقة باستخدام الذكاء الاصطناعي بالمهن الإعلامية في المناهج التعليمية للإعلاميين الجُدُد.

10. إنشاءُ أو تكليفُ هيكلٍ تنظيمي متخصّص يتولّى دراسة استخدامات حلول الذكاء الاصطناعي في عمليات التشغيل والإنتاج والتوزيع وتكامُلها مع باقي العمليات التقنية والتشغيلية داخل المؤسسات الإعلامية، لتعظيم تأثيرات الإنتاجية وتقليل التأثيرات السلبية، يوصى بإشراك الموظّفين في تصميم وتنفيذ واستخدام التكنولوجيا في مكان العمل.

11. المبادرةُ وعدمُ التبعية. دعوةُ المؤسسات الإعلامية إلى تحديدِ الطريقة التي تريدُ أن تَستخدِمَ بها أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI للاستفادةِ منها من خلال تعريف القواعد والمبادئ الخاصّة بكلّ مؤسسة، بما يتناسَبُ مع أهدافها وثقافتها.

12. لا ينبغي للمؤسسات الإعلامية أن تفكّر فقط في خفض التكاليف من خلالِ الذكاء الاصطناعي، بل عليها أيضًا تحديدُ المصادر المحتملة لخلق القيمة: القيمة الاقتصادية، إذا كانت شركةً ربحية؛ أو القيمة الاجتماعية، إذا كانت مؤسّسة عامّة. كما يمكنُ للذكاء الاصطناعي إضافةُ القيمة كمكمّلٍ للخبرات البشرية الموجودة داخل المؤسّسات التي يجبُ أن تعطي الأولوية للتدريب وإعادة تكليف الموظّفين بمهامّ جديدة بدلاً من طرد الموظّفين، مركّزين على المهن الأكثر عرضةً للخطر.

13. إنتاجُ برامجَ تعرضُ المشاريع والابتكارات الناجحة في مجال الذكاء الاصطناعي داخل السياق المحلّي، إذ يُمكِنُ أن تُلهِمَ القصص الإيجابيّة الثقة، وتعزّز الاهتمام في هذا المجال.

14. إنتاجُ محتوىً حيادي يشملُ كلّاً من الفوائد المحتمَلة والتحدّياتِ التي تواجهُ استخدامات الذكاء الاصطناعي في جميع الميادين الاقتصادية والاجتماعية، مع تَجَنُّب التضخيم وتوفير رؤيةٍ أكثرَ شموليةً لتأثير التكنولوجيا.

ثالثاً: في التعاونِ بينَ المؤسّسات الإعلامية ومع مطوِّري الذكاء الاصطناعي

15. تشجيعُ التعاون بين المؤسّسات الإعلامية ومطوِّري الذكاء الاصطناعي والجامعات المحلّيين لإلمامهم الأوسع بالخصائص اللغوية والثقافية والاقتصادية الوطنية من أجل تصميم حلول متناسبة مع الاحتياجات المحدَّدة لصناعة الإعلام.

16. مراقبةُ قوانين ولوائح الذكاء الاصطناعي العالمية، والتعلُّمُ من الأساليب والاستراتيجيات المتنّوعة، والسعيُ إلى التعاون من أجل ممارسات ذكاءٍ اصطناعي مسؤولة وأخلاقية في الخدمات الإعلامية.

17. إنشاءُ أو المشاركة في منتدياتٍ للمؤسّسات الإعلامية للتعرّف وتبادل المعلومات حول تجارب تطبيقات الذكاء الاصطناعي ونشرُ أفضل الممارسات في هذا المجال.

18. الدعوةُ إلى عملٍ تعاوني لتطوير مواثيقَ أخلاقية واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام، مع التأكيد على الشفافية والإنصاف والمساءلة، وإنشاءُ لجان أخلاقيات داخلية ضمن المؤسسات الإعلامية لمراجعة وتوجيه القرارات المتعلّقة بالذكاء الاصطناعي.

19. تطبيقُ تدابيرَ صارمةٍ لأمن البيانات لحماية المعلومات الحسّاسة المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي.

20. تطويرُ معايير الشفافية والالتزامُ بها، خاصةً لأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي، والامتثالُ لقوانين حقوق النشر والملكية الفكرية وحماية البيانات، وتعزيزُ الانفتاح حول المصادر المستخدَمة في تدريب هذه الأنظمة.

21. حوكمةُ نفاذ أنظمة الذكاء الاصطناعي إلى المحتوى الصحفي من خلال اتفاقيات رسمية تَضمَنُ استدامةَ الصحافة، ونسب المعلومات إلى مصادرها، واحترام حقوق الملكية الفكرية، وتقديمُ تعويضاتٍ عادلة لأصحاب الحقوق. كما يجبُ ضمان الشفافية في تَتَبُّعِ استخدام المحتوى الصحفي لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي.

22. دعوةُ مؤسسات التعليم العالي إلى إدماج برامج التعليم حول الذكاء الاصطناعي كأمرٍ أساسيٍّ 

في استراتيجيّاتنا للازدهار في المستقبل، إذ من شأن التعاون بين الجامعات ذات الاختصاص والعاملين والحرفيّين في مُختلف المجالات أن يُنشئَ مشاريعَ مثمرة ومؤثّرة.

23. تشجيعُ المؤسّسات الإعلامية والجهاتِ الحكومية على التمويلِ البِذْرِي Seed Funding لمشاريعِ الذكاء الاصطناعي في الجامعات باعتباره حَيَوِيّاً لتعزيز الابتكار والبحث، من خلالِ استكشاف أفكارٍ جديدة وتطويرِ نماذجَ أوّليّة. يُسَهِّلُ هذا الدعمُ المالي توفيرَ الموارد للبحوث ويجذِبُ الكفاءاتِ العُليا، ويَسدُّ الفجوةَ بين النظريّات والتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات.

رابعاً: الذكاء الاصطناعي في الصحافة وغرف الأخبار

24. تشجيعُ وسائل الإعلام والصحفيّين على إعطاءِ الأولويّة للالتزام بالأخلاقيّات الصحفية عند استخدام التكنولوجيا، مع التركيزِ على الصدق والدقّة والإنصاف والحياديّة والاستقلاليّة وعدمِ الأذى وعدم التمييز والمساءلة واحترام الخصوصيّة وسرّية المصادر.

25. التأكد من أنْ يظلَّ اتّخاذ البشرِ للقرار محوريّاً في الاستراتيجيّات طويلةِ المدى وفي الخياراتِ التحريرية اليومية، مع التشديد على أهمّيةِ عملية صُنْعِ القرار المدروسة والمستنيرة من قِبَلِ فِرَقِ التحرير، فيما يتعلّقُ باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي.

26. الدعوةُ إلى إجراء تقييمات مستقلّة وشاملة لأنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدَمة في الصحافة لضمانِ الالتزام بالأخلاقيّات الصحفية والقِيَم الجوهرية، مع إنشاءِ إطارٍ واضح للمُساءَلَة عن أيِّ فشلٍ في الأنظمة.

27. تحديدُ المسؤولياتِ المرتبطة باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في وسائلِ الإعلام، وإسنادُها إلى الأشخاص لضمان الالتزام بأخلاقيّات الصحافة والمبادئ التوجيهيّة التحريرية، مع التأكيد على المسؤوليةِ والمساءَلَة عن كلِّ المحتوى المنشور.

28. تعزيزُ الشفافية، من خلال الكشف بوضوح عَنْ أيِّ تأثيرٍ مهمٍّ للذكاء الاصطناعي على إنتاج أو توزيع المحتوى الصحفي والإفصاح عنهُ بوضوح، والاحتفاظُ بسجلٍّ شامل لأنظمة الذكاء الاصطناعي المستخدمة، مع تفصيلِ الغرض والنطاق وشروطِ الاستخدام.

29. تشجيعُ استخدام أحدث الأدوات لضمانِ صحّة ومصدر المحتوى المنشور، وتقديمُ تفاصيلَ موثوقةٍ حولَ أصل المحتوى وأيِّ تغييراتٍ تمَّ إجراؤها، والتعاملُ مع المحتوى الذي لا يَفي بمعاييرِ الأصالة، باعتبارهِ مضلِّلاً محتملاً.

30. التأكد من التمييز الواضح بين المحتوى المشتقِّ من التقاطٍ حقيقيٍّ للموادِّ الإعلامية، والمحتوى الذي تمَّ إنشاؤهُ أو تعديلُهُ باستخدامِ أنظمة الذكاء الاصطناعي، وتجنُّبُ تضليل الجمهور عبرَ الامتناعِ عن إنتاج أو عرضِ محتوىً تمَّ إنشاؤهُ بواسطة الذكاء الاصطناعي، مُحاكِياً صُوَرَ العالم الحقيقي أو مُنتحِلاً الشخصياتِ الحقيقية بشكلٍ شديد الواقعية.

31. دراسةُ التقنيّات المتطوّرة الموظّفَةِ في عمليّة إنتاج الأخبار، ومن ضمنها أجهزةُ الاستشعار، كَونها وسيلةً مُستحدَثَةً في عمليةِ جَمْع المعلومات يُمكِنُ أن تحقِّقَ فوائدَ كثيرةً في صحافة الذكاء الاصطناعي، مثلَ التعرُّفِ على الزلازل، وقياس مُستَوَياتِ تلوُّثِ الهواءِ، ونِسَبِ الغُبار في الجوّ، والأرصادِ الجوّية وقياسِ حركة المدّ في البحار والمحيطات، ومراقبة أنواع الطيور والحيوانات المهدَّدَة بالانقراض، ومراقبة حركة النقل، وجَمْع البيانات الصحّية.


خامساً: حول تحدّيات المحتوى العربي مع الذكاء الاصطناعي التوليدي

32. مع تطوُّرِ الذكاء الاصطناعي، من المهمّ التأكيدُ على استخدامه لتعزيز الشمولية والتنوُّع، بدلاً من تعزيز الصور النمطية والتحيّز. وبما أنّ التمثيل الزائدَ للثقافةِ الغربية في مجموعات بيانات فهرسة المحتوى content indexing datasets يؤدّي إلى التحيّز في تحديدِ وتصنيف المحتوى العربي، ينبغي بذلُ الجهود للتغلُّب على هذه المشكلة، من خلال إتاحة المؤسّسات الإعلامية لمجموعات بيانات المحتوى العربي لصالح مشاريع البحث حول العالم، مع حماية الملكية الفكرية لهذا المحتوى لفائدة أصحابه.

33. ضمانُ التنوّع في مجموعات البيانات المستخدَمة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي من أجل التعرّف على اللغة العربية وفَهمِها بدقّة، والتمثيل الدقيق للحساسيّات والتنوّعات الثقافية وسياقِ المحتوى لتجنُّبِ التحُّيزات غيرِ المقصودة أو سوءِ الفهم عندَ معالجة المحتوى العربي، على أن يُستعمل في السياق الأنسب للتعريف بالمنطقة وحضارتِها. يمكِنُ ذلك عبرَ الاستثمار في البحث والتطوير، بالتعاون مع خبراءَ لُغَويّين، لتطويرِ نماذج لغة عربية متينة وواعية بالسياق، وتخصيص نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي لتَكونَ قادِرةً على فهمٍ أفضلَ للفوارقِ الدقيقة في اللغة العربية الغنيّةِ بلهَجاتِها ولكَناتِها المتنوِّعة.