الإعلام في زمن جائحة كوفيد19: الضوابط والتوازنات، محور حوار  مهني

نظم اتحاد إذاعات الدول العربية صباح الخميس 14 يناير 2021 عبر تقنية التحاور عن بعد حوارا مهنيا بعنوان "الاعلام في زمن جائحة كورونا: الضوابط و التوازنات" ، وذلك كأحد الأنشطة المرافقة للدورة الأربعين للجمعية العامة السنوية للاتحاد، (13-14 يناير). وقد تولى أساتذة مختصون في إعلام الأزمات المشاركة في الحوار الذي تناول مسؤولية الإعلام في زمن كورونا وجهود الإعلام العربي في تغطية الوباء وحدود حرية الإعلام في زمن الأزمة وفتح المجال واسعا لمناقشة ما جاء في هذه العروض.

وتميز هذا الحوار الذي أداره الإعلاميّ الأستاذ يوسف الوسلاتي، بالخصوص بالإقبال الكبير للمشاركة فيه تقديما ونقاشا من قبل عديد العاملين في الهيئات العربية الأعضاء في الاتحاد،  وكذلك الخبراء والمهنيين والإعلاميين العرب والأجانب من عديد العواصم والمدن العربية والعالمية.

انطلق الحوار بعرض  موجز قدمه الدكتور ناجح الميساوي، وهو إعلامي تونسي، عن مخرجات دراسة كلفه بها الاتحاد حول "جهود الإعلام  العربي في التعامل مع جائحة كورونا"، وذلك اعتمادا على استبيان وجهه إلى الهيئات العربية الإذاعية والتلفزيونية حول تجربتها في التعامل مع الجائحة وتغطية أخبارها، وأجابت عليه أكثر من 30 هيئة.

وأثبتت هذه الدراسة عديد المعطيات منها:

·       أظهرت الهيئات الأعضاء حرفية عالية في التصرف في أزمة جائحة كورونا وجاهزية وقدرة على التأقلم السريع وإنتاج مضامين مجددة،

·       التوجه نحو تغيير أنماط العمل باعتماد نظام العمل عن بعد ولو بشكل جزئي، مع حسن التصرف في الموارد البشرية التي تناقص عددها بفعل الحجر،

·       تسببت الجائحة في  نوع من الإرباك في عمل الطواقم الصحفية والتقنية والإدارية ما أثر أيضا في إنتاج المضامين للتركيز على التوعية،

·       ضرورة الإسراع بتركيز خلايا أزمة داخل المؤسسات الإعلامية لمجابهة الأحداث الطارئة والأزمات المستجدة

§       تكثيف دورات التدريب بأكاديمية التدريب الإعلامي، لفائدة العاملين بالهيئات في مختلف الميادين الصحفية والتقنية والإدارية  وخاصة في مجال التحقق من الأخبار الزائفة والإعلام المختص والميديا الجديدة والتصرف في الأزمات الصحية،

·        اقتراح إنجاز تطبيق شامل من قبل الاتحاد يتوفر به عدد من الأيقونات التفاعلية والإنتاجية المباشرة التي يمكن الاستفادة الآنية والسريعة منها بين الهيئات المنضوية في الاتحاد

تدارس الحوار مسؤولية الإعلام زمن الأزمة، ومدى توفّقه في تأمين عنصريْ الإخبار والتوعية. وكان فرصة للوقوف على النماذج التنظيمية والدليل  الإجرائي الذي اعتمدته الإذاعات والتلفزيونات للوصول إلى صناعة محتوى يضمن الدقة والحينية ويراعي حرمة الذات البشرية.

وأجمع معظم المتدخلين على أن هذه المهمة كانت عسيرة وشاقة في ظلّ تفاقم سطوة شبكات التواصل الاجتماعي التي من الممكن، في ظلّ أيّ تقصير للإعلام التقليدي،أن تتحوّل  إلى صانع رئيسي للمضامين الإعلامية وتستفرد بالرأي العام لتشكّل وعيه، وإن كان ذلك بالاعتماد على الشائعات والخرافة وبثّ الأخبار  الزائفة.  

وقد تركز الحوار بالخصوص على نقاش محورين أساسيين هما:

·       مسؤوليّة الإعلام في زمن الأزمة: الإخبار والتوعية، وذلك انطلاقا من عرضين قدمتهما كل من الدكتورة ميرنا أبو زيد ، أستاذة في كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية، والأستاذة ميليسيا بيزيتش Milica Pesic، المديرة التنفيذية لمعهد التنوع الإعلامي بالمملكة المتحدة، مما سمح بمقارنة تجربة عربية وأخرى غربية في التعامل مع الجائحة وتبعاتها خاصة في مستوى القنوات الإذاعية والتلفزيونية،

·       حدود حرّيّة الإعلام في زمن الأزمة: تهديد أم ضرورة؟، ذلك أن العالم بأسره  شهد نوعا من التضييق على الحرّيات العامة والفردية، من منع للسفر والتنقّل والتجمّعات وفرض تحاليل الخلوّ من مرض الفيروس التاجي، وإعلان  حظر التجوال.  ومن البديهي أن ينعكس سياق التضييق هذا على الإعلام، بتقييد حرّية تنقّل الإعلاميين وتقليص هامش ديناميكية العمل الميداني.

 

قدم للمحور خبيران عربيان، تحدث الأول، وهو الدكتور علي البُريهي، أستاذ علوم الإعلام والاتصال في اليمن، عن التفاعل العربي عموما مع ما فرضته جائحة الكورونا من تضييقات وحدود على حرية العمل الإعلامي في زمن تراجعت فيه الموارد البشرية والتقنية والمهنية المتوفرة وتركيزها على تغطية الوباء على حساب قضايا أخرى قد لا تقل أهمية.

أما صاحب العرض الثاني فكان للدكتور ناصر شروف، الذي يعمل رئيس قسم الشرق الأوسط في مؤسسة دويتشة فيلي  DWالألمانية، وتحدث فيه عن تجربة مؤسسته وعن الصعوبات المستجدة في القيام بعملها الإخباري والتوعوي خلال سنة كاملة من ضغوط الجائحة.

                     

 

وأجمعت التدخلات تقريبا على نّ أزمة كوفيد19 فرضت على الإعلام نسقا وطرائق عمل غير مسبوقة، فحصلت تغييرات في نمط الإنتاج ونشاط غرف الأخبار. ويُحسب إعطاء الجائحة وسبل التوقّي منها الأولوية الخبرية لفائدة الإعلام، لأنه تحمّل في عمومه مسؤوليته في الإخبار والتوعية، ومارس دوره كسلطة رابعة. لقد عدّلت عدّة وسائل إعلام خطّها التحريري،  مقدّمة أخبار الوباء عن  سائر  أخبار السياسة والرياضة والمجتمع. وأفضى إقرار منع الجولان وتطبيق البروتوكول الصحي واللجوء إلى العمل بالتناوب وعن بعد، وتناقص أعداد الطواقم الصحفية والتقنية، وكلّ من لهم علاقة بإنتاج المضامين، إلى الاعتماد على مصادر رسمية موثوقة، ممّا أفضى إلى تحوّل أخبار الوكالات والقنوات العمومية الإذاعية والتلفزيونية إلى مصدر  خبري يكتسي أهمّية أكبر ممّا كان عليه  قبل الجائحة.