انعقدت الندوة الاخبارية السنوية لاتحاد اذاعات الدول العربية يوم الأربعاء 18/10/2023 بمقر الاتحاد حول موضوع " صناعة المحتوى الرقمي العربي : المعوقات وآفاق التطوير " بمشاركة خبراء من فلسطين والجزائر وتونس وبحضور أعضاء اللجنة الدائمة للأخبار التلفزيونية واللجنة الدائمة للاعلام الجديد وممثلي اتحاد الاذاعات الأوروبية واتحاد الاذاعات الآسيوية ووفد الادارة العامة للاتحاد .
وفي المحور الأول حول " محاربة المحتوى الرقمي الفلسطيني من قبل الاحتلال الاسرائيلي " قدم د. محمد أبو الرب أستاذ الاعلام الرقمي في جامعة بيرزيت محاضرة بتقنية التواصل عن بعد أكد فيها أن ما يواجهه الفلسطينيون على مواقع التواصل الاجتماعي من تقييد للمحتوى لا يقل أهمية عن ما يحصل على أرض الواقع من اعتداءات وانتهاكات .
وأوضح أن مواقع التواصل الاجتماعي أوهمتنا بأنها بمثابة الاعلام البديل للمؤسسات الرسمية وستكون منصات مفتوحة للناس دون قيود أو محددات، لكن الذي حصل في الحقيقة أن هذه المنصات تساهم بشكل واضح ومباشر في تقييد المحتوى الفلسطيني، مستشهدا بكون منصة META التي تدير فايسبوك وأنستغرام وواتساب قامت منذ بداية عملية طوفان الأقصى وما تبعها من قصف اسرائيلي على غزة بحذف أو تقييد حوالي 800 ألف منشور تتحدث عن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وغالبيتها من وجهة النظر الفلسطينية وهو ما يؤثر على سير المواجهة ويحد من وصول الرواية الفلسطينية للعالم .
ومقابل ذلك رصد أحد مراكز البحث الفلسطينية في نفس الفترة 19 ألف منشور معادي للقضية الفلسطينية وفيها محتوى عنيف يصل الى حد الدعوة الى قتل الفلسطينيين والعرب ولكن لم يتم حذفها ولا حتى تقييدها وهو ما يثبت الانحياز الواضح لهذه المنصات .
وفي المحور الثاني من الندوة حول " صناعة المحتوى الرقمي العربي : الواقع والتحديات " قدم د. نصر الدين أمقران الأستاذ بكلية الاعلام والاتصال بالجزائر مداخلة كشف فيها أن صناعة المحتوى الرقمي العربي ضئيل جدا ونسبته على الأنترنت محتشمة تبلغ 5.2 % من إجمالي المحتوى العالمي مقابل نمو حقيقي في عدد المستخدمين العرب للانترنت.
واضافة الى ذلك فان المحتوى الرقمي العربي يغلب عليه الطابع الاستهلاكي الترفيهي السطحي وهو غير أصيل ومتكرر، وكذلك غير مستقرمن حيث العائد السنوي والتكلفة و القيمة السوقية بما يعكس تذبذبا في القدرة على استيعاب ما يطرأ من تكنولوجيات و أدوات جديدة .
واستخلص الخبير الجزائري بأن المنطقة العربية تعاني بشكل عميق من جميع أبعاد الفجوة الرقمية ولكن مع ذلك تعتبر الأجيال الجديدة للويب أكثر تطورا بتبنيها لفلسفة جديدة في التعامل مع الفضاء الرقمي، و يبقى المحتوى الرقمي العربي يمتلك قوة اقتصادية كامنة قابلة لأن تحقق عائدات مالية سنوية و قيمة سوقية اذا ما تم التعامل معها بشكل اقتصادي سليم بناء على استراتيجية عربية مدروسة بإحكام .
وفي المحور الثالث للندوة حول " صناعة المحتوى الرقمي العربي : الفرص المتاحة وآفاق التطوير " قدمت د. سهير اللحياني الخبيرة التونسية المتخصصة في علوم الاعلام والاتصال مداخلة أكدت فيها وجود العديد من الفرص والآليات لتطوير و اثراء المحتوى الرقمي العربي من خلال اتقان مونتاج الفيديو لأنه أحد المهارات الضرورية للصحفي و صانع المحتوى، وإنشاء قواعد بيانات تتيح فهمًا أفضل لتوقعات المستهلك المتلقي، وانشاء تقنيات المسح الميداني الرقمي، واستخدام أدوات تحليل البيانات لاكتشاف أنماط واتجاهات في الأحداث والقصص الاخبارية . كما تكمن الفرص في تحسين تجربة الجمهور المتلقي من خلال عديد الاختيارات منها على سبيل المثال الألغاز والمسابقات والاختبارات التي تخلق روح الإبداع لدى الجمهور المتلقي، والإبداع والسرد القصصي، والتفاعل مع القراء خاصة سرعة الرد على استفسارات الجمهور المتلقي.
وقدمت الخبيرة مقترحات لتطوير المحتوى الرقمي العربي عبر تشجيع الشركات الناشئة في مجال تطبيقات الـمحتوى العربي الرقمي والمزيد من المسابقات والجوائز لتطوير المنصات و التوجه نحو صناعة محتوى رقمي عربي يرتكز على المواضيع الخاصة بالثقافة العربية .
وبرزت من خلال النقاش الذي رافق هذه المداخلات ضرورة إقامة إستراتيجية عربية تعنى بصناعة المحتوى الرقمي وتطوير تقنياته وتوليد مصادر تغذيته التراثية والمالية؛ ويبدأ ذلك باستضافة المحتوى الرقمي العربي داخل الحدود المحلية والإقليمية العربية لما لهذه العملية من أثر في خفض تكلفة إنتاج المحتوى مع تحقيق الأمن المعلوماتي لبلدان المنطقة . كما أكد المشاركون في النقاش وجوب التكتل والتكامل بين البلدان العربية في مجال تقنيات توليد وتوطين وتنمية المحتوى الرقمي العربي، فضلا عن تحديث القوانين والتشريعات العربية وتكييفها بما يتماشى مع الطابع الجديد للبيئة المعلوماتية .